هل طاعة الزوج مقدمة على طاعة الوالدين، مكانة الأخوة والأب والأم في حياة الزوجة، ومدى اهتمامها بالزوج وتفضيل الأهل عليه، جميعها تناولتها الشريعة الاسلامية بنحو من التفصيل، من خلال الاستدلال على ذلك مما ورد في السنة النبوية والقرآن الكريم، ومقال اليوم يتناول أهم العناوين وآراء علماء الدين الاسلامي، في الاستفسار المطروح هل طاعة الزوج مقدمة على طاعة الوالدين، وما هي وجهة نظر الشريعة بذلك.
أيهما أعظم حق الزوج أم الْوَالِدَيْنِ
وبالحديث عن طاعة الزوج والوالدين، نجد أن من أكثر الأسئلة المطروحة من قبل النساء المسلمات، الاتي يرغبن تطبيق شرع الله في الحياة الزوجية وربطها برضا الوالدين، وعدم الوقوع في المعصية بعقوق أي منهما، لكن الشريعة الاسلامية العادلة والمتوسطة أمرت بالاعتدال والتوفيق بينهما، مبا هو في مصلحة الزوجين وبر الوالدين في آن واحد، فلم يُهمل أهم عوامل المجتمع وهي الأسرة، حيث وضع لها التنظيم الدقيق والحسن، فحدد حق النفقة وجعله أمر واجب، ودل على وجوبها على الزوج، وبذات الوقت جعل حقه على الزوجة، وطاعتها له أول أولوياتها بعد طاعته عز وجل وطاعة رسوله، حتى إنها قُدمت على طاعة الوالدين اللذين ذكرهما عز وجل في كتابه بالإحسان إليهم عقب ذكر عبادته.
الجواب هو: أن حق الوالدين وفضلهما آكد من حق الزوج وفضله، حيث أن حق الوالدين ثابت بسبب متأصّل لا يزول وهو الرّحم فلا يسقط بحال ولو بموت أحدهما، إلا بردّة الوالد وخروجه من الإسلام، أمّا حق الزوج فهو حق عارض بسبب العقد والميثاق الذي بينهما؛ فإذا حلّ هذا الميثاق، بطلاق أو خلع أو فسخ أو موت سقط حق الطاعة.
دليل طاعة الزوج مقدمة على طاعة الْوَالِدَيْنِ
ووفقاً لما قمنا بتوضيح في الفقرة بشأن طاعة الزوج والوالدين، يجدر بالاشارة الى أن حق الزوج غير مقدم على طاعة الوالدين، للعديد من الأوجه التي أشار اليها علماء الشريعة الاسلامية، منها أن حق الزوج ثبت بسبب العقد والميثاق، فإنه إذا قصّر الزوج أو ظلم أو فسق، يجوز للزوجة أن تسقط طاعته بطلب حلّ هذا الميثاق بالخلع، وأن حق الزوج يختص بحال قيام الزوجية، أما حق الوالدين وبرهما فهو يستمر إلى ما بعد موتهما.
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في ذلك:
” قوله تعالى: ( فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ ) يقتضي وجوب طاعتها لزوجها مطلقا: من خدمة، وسفر معه، وتمكين له، وغير ذلك، كما دلت عليه سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث “الجبل الأحمر” وفي “السجود” وغير ذلك؛ كما تجب طاعة الأبوين؛ فإن كل طاعة كانت للوالدين انتقلت إلى الزوج؛ ولم يبق للأبوين عليها طاعة: تلك وجبت بالأرحام، وهذه وجبت بالعهود ”
شاهد أيضاً: بحث عن مكانة الأسرة في الإسلام pdf
شروط طاعة الزوجة لزوجها
وبعد التعرف على وجهة نظر الاسلام لطاعة الزوج والوالدين، فإن طاعة الزوجة لزوجها من أهم الواجبات وأعظمها، بواقع ذكر ذلك في كتاب الله تعالى بقوله عزوجل: ” الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ ۚ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ ۚ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ ۖ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا {النساء:34}
ولكن أوضحت الشريعة الاسلامية أن طاعة المرأة لزوجها ليست طاعة مطلقة، وإنما هي طاعة مقيدة بقيود ثلاثة وهي:
- الأول: أنها لا تكون في أمر فيه مخالفة للشرع، فعن عليّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه قال:لا طاعة في معصية، وإنما الطاعة في المعروف. متفق عليه، فيحرم على المرأة أن تطيع زوجها في فعل محرم أو ترك واجب.
- القيد الثاني: أن تكون في استطاعة الزوجة ولا يلحقها فيها ضرر، لقول الله تعالى: لا يكلف الله نفساً إلا وسعها {البقرة:286}. وقوله تعالى: وما جعل عليكم في الدين من حرج {الحج:78}، ولقوله صلى الله عليه وسلم: إنما الطاعة في المعروف. وقوله صلى الله عليه وسلم: لا ضرر ولا ضرار. رواه مالك وأحمد بن ماجه وصححه الألباني.
- والقيد الثالث: أنها لا تكون واجبة إلا في أمور النكاح وما يتعلق به، قال ابن نجيم الحنفي: لِأَنَّ الْمَرْأَةَ لَا يَجِبُ عليها طَاعَةُ الزَّوْجِ في كل ما يَأْمُرُ بِهِ إنَّمَا ذلك فِيمَا يَرْجِعُ إلَى النِّكَاحِ وَتَوَابِعِهِ خُصُوصًا إذَا كان في أَمْرِهِ إضْرَارٌ بها.
والى هنا ننتهي من مقال اليوم ونصل الى الختام بعد اضافة أهم العناوين التي دار البحث عنها كثيراً في الآونة الأخيرة، بهدف التعرف على هل طاعة الزوج مقدمة على طاعة الوالدين، والاستدلال على ذلك مما ورد في الأثر من أحاديث وآيات كريمة،